مواضيع مماثلة
بحـث
المواضيع الأخيرة
الثورة لها جولة أخرى
صفحة 1 من اصل 1
الثورة لها جولة أخرى
بقلم: علاء الأسواني
." يجب أن تفخروا بما أنجزتموه . .. لقد استطعتم بشجاعة أن تسقطوا واحدا من أسوأ الانظمة الديكتاتورية في العالم . لقد أثبتم أن الفكرة أقوى من القمع وأن الحق أقوى من الرصاص "
...
هذه الكلمات لم أسمعها في مصر وانما قالتها لي سيدة ايطالية في مهرجان مانتوفا وهو من أكبر المهرجانات الأدبية في ايطاليا حيث ذهبت الأسبوع الماضى من أجل تقديم كتابي الجديد عن الثورة المصرية الذى صدر باللغة الايطالية ..
عقدت ندوات في خمس مدن ايطالية هم : مانتوفا وأرونا وروما ونابولي وبارى ، بالاضافة الى لقاءات صحفية عديدة.. في كل مكان كنت أحس بحماسة الايطاليين للثورة المصرية ثم في وسط الرحلة جاءت الأنباء بالهجوم على السفارة الاسرائيلية في القاهرة . وسائل الاعلام الايطالية اليمينية ( التى هي غير متحمسة أساسا للثورة )
استغلت الفرصة وضخمت من حجم الحدث لتقول ان مصر الثورة قد سقطت في الفوضى الشاملة . بعض الأسئلة الموجهة الى بدأت تعكس قلق الايطاليين مما يحدث في مصر .
أكدت لهم أن التوتر بين مصر واسرئيل قد بدأ عندما اخترقت القوات الاسرائيلية الحدود المصرية وقتلت ستة عسكريين مصريين كانوا يؤدون واجبهم وقلت ان الهجوم على السفارة مدبر من جهات تريد تشويه وجه الثورة .
كما أكدت أن الحالة الأمنية في مصر ليست منفلتة بالقدر الذى يؤدى الى الفوضى وأن المناطق السياحية بالذات مؤمنة بالكامل بواسطة القوات المسلحة . . الغريب أن السفير المصري في روما لم يظهر ليشرح للرأى العام الايطالي ما يحدث في مصر .
اندهشت من صمت السفير المصري . أليس من واجبه أن يبادر بتوضيح الصورة الصحيحة عن مصر حتى لا يتم استغلال الشائعات في التأثير على السياحة .؟!. على أن دهشتي زالت عندما قرأت بيانا يوزعه الشبان المصريون في ايطاليا عرفت منه أن السفير الحالي كان من المقربين للسيد أحمد أبو الغيط لدرجة أنه أصر على تعيينه في ايطاليا قبل أن يغادر منصبه كوزير للخارجية . .
السفير المصري في روما اذن ينتمى الى النظام الذى ثار ضده المصريون وأسقطوه ولعله لا يجد في نفسه الحماسة الكافية للدفاع عن الثورة . ان ما حدث في ايطاليا مجرد انعكاس لما يحدث في مصر . .
لقد قام المصريون بواحدة من أعظم الثورات في تاريخهم و بعد مرور ثمانية أشهر كاملة ، باستثناء خلع مبارك ومحاكمته مع عصابته والغاء التوقيت الصيفي فان المواطن لايشعر بعد الثورة بأى تغيير في حياته اليومية بل ان أحوال المصريين ازدادت سوءا من جراء انعدام الأمن وانتشار البلطجة والجرائم أمام أعين رجال الشرطة وارتفاع الأسعار بطريقة غير مسبوقة أضف الى ذلك الرؤية الضبابية للمستقبل والقرارات السياسية المرتبكة المتضاربة
., ما السبب ..؟
يجب أن نتذكر أن الثورة المصرية لم تتول السلطة وبالتالي فانها ليست مسئولة عما يحدث لكن المسئول الوحيد المجلس العسكري الذى يمارس مهام رئيس الجمهورية ومجلس الشعب جميعا أثناء الفترة الانتقالية .. لقد ثار المصريون ضد حسني مبارك وأسقطوه وعندما نزل الجيش في الشوارع احتفل الثوار بالنصر ثم انصرفوا الى بيوتهم وهم مقتنعون بأن المجلس العسكري سيكون وكيل الثورة الذى يحقق أهدافها بالكامل .هنا حدث سوء تفاهم حقيقي . لقد أخطأنا لأننا لم ندرك أن الدور الوطنى العظيم للجيش المصري شيء والدور السياسي للمجلس العسكري شيء آخر .
ان المجلس العسكري لم يكن يوما ثوريا ولم يكن يوما معارضا لنظام مبارك لأنه ببساطة كان جزءا منه . لقد اعتبرت الثورة ان خلع حسني مبارك خطوة عظيمة لكنها مجرد بداية لاستئصال نظام مبارك من جذوره بينما اعتبر المجلس العسكري استقالة مبارك خطوة لا مفر من قبولها من أجل انقاذ النظام القديم .
اننا نقدر قرار المجلس العسكري بعدم مساندة الديكتاتور ضد ارادة الشعب لكن المجلس العسكري لم يتخذ أية اجراءات حقيقية من أجل حماية الثورة ..
ان السادة لواءات المجلس العسكري حتى يوم واحد فقط قبل الثورة كانوا ينظرون الى النظام القديم باعتباره كيان الدولة المصرية وبالتالي فانهم غير قادرين على أن يشاركوا في هدم نظام كانوا متوائمين معه بل كانوا في الواقع جزءا منه . .
بالرغم من العبارات الدبلوماسية الأنيقة فالواضح ان المجلس العسكري لا يتفق مع الثورة ولا يوافق على رؤيتها للتغيير . ان محاكمة مبارك ورموز الفساد قد تمت بضغوط شعبية جارفة لم يستطع المجلس أن يقاومها لكنه بعد ذلك رفض الاستجابة للتغيير بل ان أعضاء المجلس بدءوا شيئا فشيئا يضيقون بمطالب الثورة المشروعة حتى لجأ المجلس العسكري الى قمع المصريين بواسطة الشرطة العسكرية والمحاكمات العسكرية ،
ان جرائم أفراد الشرطة العسكرية في هتك أعراض المتظاهرات بدعوى الكشف على عذريتهن و تعذيب المتظاهرين واهدار آدميتهم بالاضافة الى 12 ألف مصري تمت احالتهم الى المحاكم العسكرية . كل هذه المآسي تقطع بأن رؤية المجلس العسكري للثورة ليست أبدا كما ذكر في بياناته الأولى بل ان بعض اللواءات في المجلس العسكري قد اتهموا مجموعة من أنبل الوطنيين المصريين بالعمالة وقد عجزوا بالطبع عن تقديم أية أدلة على اتهاماتهم الكاذبة . .
ان تمسك المجلس العسكري بالنظام القديم هو السبب الحقيقي في كل المشكلات التى نعاني منها : بدلا من كتابة دستور جديد اكتفى المجلس العسكري بتعديل بضع مواد في الدستور القديم ثم أجرى الاستفتاء على التعديلات ولم يلبث أن انقلب على نتيجة الاستفتاء وأعلن دستورا مؤقتا من 63 مادة ،وهكذا فرض على المصريين شكل النظام السياسي القادم بدون أن يستشيرهم . .
وقد أدت هذه العشوائية الدستورية الى تشتت وانقسامات بين القوى الوطنية لم تكن لتحدث لو أن المجلس العسكري قام بدوره كوكيل للثورة في تحقيق أهدافها بدلا من أن يفرض على المصريين ارادته وتوجهاته. لقد أصر المجلس العسكري على استبقاء نظام مبارك كاملا بكل عناصره :القضاة الذين أشرفوا على تزوير الانتخابات والنائب العام الذى طالما اضطر الى موائمات سياسية في عهد مبارك وقيادات جهاز الشرطة الذين ارتكبوا جرائم في حق الشعب المصري لم يحاسبهم أحد عليها .
القناصة الذين قتلوا مئات المصريين لم يفعل المجلس شيئا للكشف عن شخصياتهم ومحاكمتهم ، حتى جهاز أمن الدولة الذى كانت مهمته الأساسية تعذيب المصريين واذلالهم ، هذا الجهاز الرهيب طالبت الثورة بالغائه ومحاكمة أعضائه على جرائمهم لكن المجلس العسكري تمسك ببقائه بعد تغيير اسمه الى الأمن الوطنى
( وكأنما كانت مشكلتنا مع أمن الدولة تنحصر في اسمه ) ...
ان المجلس العسكري بمقاومته للتغيير قد منح فرصة ذهبية لأعداء الثورة حى يتآمروا ضدها .. سرعان ما تكونت شبكة واسعة وفعالة من أعداء الثورة : اعلاميون ومسئولون حكوميون ورجال أعمال أثرياء وضباط شرطة وأعضاء في مجالس الشعب المزورة .
هؤلاء الذين دبروا ونفذوا كل الأزمات التى عانينا منها بعد الثورة : بدءا من أزمات المواد الغذائية والبنزين والسولار وصولا الى الفتنة الطائفية واحراق الكنائس أمام أعين أفراد الشرطة العسكرية وضباط الشرطة ،
الى أحداث التخريب التى لا يتم التوصل أبدا الى مرتكبيها .
كل هذه مؤامرة واحدة تريد أن تنشر الفوضى والخراب في أنحاء بلادنا من أجل اجهاض الثورة بأى ثمن لأن التغيير الديمقراطي سيقضى على مستقبل فلول نظام مبارك وقد يؤدى الى محاكمتهم والقائهم في السجون . .
لقد كان ماحدث يوم 9 سبتمبر معبرا عن عمق الأزمة التى نمر بها . لقد دعت القوى الثورية الى مسيرة مليونية بعنوان
" جمعة اصلاح المسار "
كانت مطالبها: ايقاف احالة المدنيين الى محاكمات عسكرية وتحديد جدول زمنى لانتقال السلطة الى حكومة مدنية منتخبة ..
لقد تحالفت قوى عديدة من أجل افشال جمعة اصلاح المسار ..
فقد رفضت بعض جماعات الاسلام السياسي الاشتراك في المظاهرة لأنها حريصة على ارضاء المجلس العسكري حتى تضمن لنفسها أكبر عدد من مقاعد الحكم .
تم شن حملة اعلامية جبارة من أجل افشال جمعة اصلاح المسار ، بنفس الوسائل القديمة :
"برامج ملفقة وضيوف منافقون واستطلاعات رأى كاذبة"
كما أنفقت وزارة الزراعة خمسة ملايين جنيه من أجل احضار آلاف الفلاحين الى استاد القاهرة بدعوى الاحتفال بعيد الفلاح لصرف الأنظار عن المظاهرات .
على أن الشعب المصري قد أثبت من جديد أنه لازال قابضا على جمر الثورة فنزل ملايين المصريين في مظاهرات حاشدة في محافظات عديدة حتى ان الفلاحين الذين تم احضارهم من قراهم تركوا الاحتفال الهزلي في الاستاد وانضموا الى مظاهرة ميدان التحرير . نجاح جمعة اصلاح المسار كان كاملا وفريدا وقد حمل معان عديدة :
أولا: ان جماعات الاسلام السياسي التى اعتمد عليها المجلس العسكري في توجيه الثورة عاجزة عن السيطرة على ثورة كبرى كتبها الشعب المصري بدمائه فقد نجحت المليونية بالرغم من مقاطعة الاخوان والسلفيين
ثانيا: أنه مهما ضاعف المجلس العسكري من اجراءات القمع لن يستطيع اجهاض الثورة لأنه يواجه مصريين مختلفين تماما عن أولئك الذين حكمهم مبارك ثلاثين عاما .
في نهاية اليوم كان لابد من تدبير حوادث واعتداءات من أجل تشتيت الانتباه عن نجاح المليونية وتبرير العمل بقانون الطواريء . لا أريد أن أضيع وقت القاريء قي اثبات أن الهجوم على وزارة الداخلية والسفارة الاسرئيلية ليس سوى مؤامرة مدبرة ضد الثورة ..
فقط أسأل :
لماذا انسحبت قوات الشرطة قبل الهجوم
ولماذا لم تحرك الشرطة العسكرية ساكنا على مدى ساعات وتركت المعتدين يفعلون مابدا لهم في وزارة الداخلية والسفارة الاسرائيلية .؟! .
الأزمة في مصر الآن بين طرفين: ثورة عظيمة تريد هدم النظام القديم لتبني بلدا جديدا ومجلس عسكري يقاوم التغيير بكل قوته ..
ما العمل .؟!.
الحل يتمثل في:
توحيد قوى الثورة
ثم
مطالبة المجلس العسكري بالغاء قانون الطواريء
و
ايقاف احالة المدنيين الى المحاكم العسكرية وكافة المحاكم الاستثنائية
و
تطبيق قانون الغدر من أجل منع فلول النظام القديم من افساد مجلس الشعب القادم
بعد ذلك ...
يجب على المجلس العسكري أن يسرع باجراء انتخابات تنقل السلطة الى حكومة مدنية ..
اذا رفض المجلس العسكري تنفيذ هذه المطالب المشروعة
فان
الثورة المصرية سيكون أمامها جولة جديدة وهي مستعدة لخوضها
ولسوف تنتصر فيها باذن الله كما انتصرت من قبل . . . .
الديمقراطية هي الحل
." يجب أن تفخروا بما أنجزتموه . .. لقد استطعتم بشجاعة أن تسقطوا واحدا من أسوأ الانظمة الديكتاتورية في العالم . لقد أثبتم أن الفكرة أقوى من القمع وأن الحق أقوى من الرصاص "
...
هذه الكلمات لم أسمعها في مصر وانما قالتها لي سيدة ايطالية في مهرجان مانتوفا وهو من أكبر المهرجانات الأدبية في ايطاليا حيث ذهبت الأسبوع الماضى من أجل تقديم كتابي الجديد عن الثورة المصرية الذى صدر باللغة الايطالية ..
عقدت ندوات في خمس مدن ايطالية هم : مانتوفا وأرونا وروما ونابولي وبارى ، بالاضافة الى لقاءات صحفية عديدة.. في كل مكان كنت أحس بحماسة الايطاليين للثورة المصرية ثم في وسط الرحلة جاءت الأنباء بالهجوم على السفارة الاسرائيلية في القاهرة . وسائل الاعلام الايطالية اليمينية ( التى هي غير متحمسة أساسا للثورة )
استغلت الفرصة وضخمت من حجم الحدث لتقول ان مصر الثورة قد سقطت في الفوضى الشاملة . بعض الأسئلة الموجهة الى بدأت تعكس قلق الايطاليين مما يحدث في مصر .
أكدت لهم أن التوتر بين مصر واسرئيل قد بدأ عندما اخترقت القوات الاسرائيلية الحدود المصرية وقتلت ستة عسكريين مصريين كانوا يؤدون واجبهم وقلت ان الهجوم على السفارة مدبر من جهات تريد تشويه وجه الثورة .
كما أكدت أن الحالة الأمنية في مصر ليست منفلتة بالقدر الذى يؤدى الى الفوضى وأن المناطق السياحية بالذات مؤمنة بالكامل بواسطة القوات المسلحة . . الغريب أن السفير المصري في روما لم يظهر ليشرح للرأى العام الايطالي ما يحدث في مصر .
اندهشت من صمت السفير المصري . أليس من واجبه أن يبادر بتوضيح الصورة الصحيحة عن مصر حتى لا يتم استغلال الشائعات في التأثير على السياحة .؟!. على أن دهشتي زالت عندما قرأت بيانا يوزعه الشبان المصريون في ايطاليا عرفت منه أن السفير الحالي كان من المقربين للسيد أحمد أبو الغيط لدرجة أنه أصر على تعيينه في ايطاليا قبل أن يغادر منصبه كوزير للخارجية . .
السفير المصري في روما اذن ينتمى الى النظام الذى ثار ضده المصريون وأسقطوه ولعله لا يجد في نفسه الحماسة الكافية للدفاع عن الثورة . ان ما حدث في ايطاليا مجرد انعكاس لما يحدث في مصر . .
لقد قام المصريون بواحدة من أعظم الثورات في تاريخهم و بعد مرور ثمانية أشهر كاملة ، باستثناء خلع مبارك ومحاكمته مع عصابته والغاء التوقيت الصيفي فان المواطن لايشعر بعد الثورة بأى تغيير في حياته اليومية بل ان أحوال المصريين ازدادت سوءا من جراء انعدام الأمن وانتشار البلطجة والجرائم أمام أعين رجال الشرطة وارتفاع الأسعار بطريقة غير مسبوقة أضف الى ذلك الرؤية الضبابية للمستقبل والقرارات السياسية المرتبكة المتضاربة
., ما السبب ..؟
يجب أن نتذكر أن الثورة المصرية لم تتول السلطة وبالتالي فانها ليست مسئولة عما يحدث لكن المسئول الوحيد المجلس العسكري الذى يمارس مهام رئيس الجمهورية ومجلس الشعب جميعا أثناء الفترة الانتقالية .. لقد ثار المصريون ضد حسني مبارك وأسقطوه وعندما نزل الجيش في الشوارع احتفل الثوار بالنصر ثم انصرفوا الى بيوتهم وهم مقتنعون بأن المجلس العسكري سيكون وكيل الثورة الذى يحقق أهدافها بالكامل .هنا حدث سوء تفاهم حقيقي . لقد أخطأنا لأننا لم ندرك أن الدور الوطنى العظيم للجيش المصري شيء والدور السياسي للمجلس العسكري شيء آخر .
ان المجلس العسكري لم يكن يوما ثوريا ولم يكن يوما معارضا لنظام مبارك لأنه ببساطة كان جزءا منه . لقد اعتبرت الثورة ان خلع حسني مبارك خطوة عظيمة لكنها مجرد بداية لاستئصال نظام مبارك من جذوره بينما اعتبر المجلس العسكري استقالة مبارك خطوة لا مفر من قبولها من أجل انقاذ النظام القديم .
اننا نقدر قرار المجلس العسكري بعدم مساندة الديكتاتور ضد ارادة الشعب لكن المجلس العسكري لم يتخذ أية اجراءات حقيقية من أجل حماية الثورة ..
ان السادة لواءات المجلس العسكري حتى يوم واحد فقط قبل الثورة كانوا ينظرون الى النظام القديم باعتباره كيان الدولة المصرية وبالتالي فانهم غير قادرين على أن يشاركوا في هدم نظام كانوا متوائمين معه بل كانوا في الواقع جزءا منه . .
بالرغم من العبارات الدبلوماسية الأنيقة فالواضح ان المجلس العسكري لا يتفق مع الثورة ولا يوافق على رؤيتها للتغيير . ان محاكمة مبارك ورموز الفساد قد تمت بضغوط شعبية جارفة لم يستطع المجلس أن يقاومها لكنه بعد ذلك رفض الاستجابة للتغيير بل ان أعضاء المجلس بدءوا شيئا فشيئا يضيقون بمطالب الثورة المشروعة حتى لجأ المجلس العسكري الى قمع المصريين بواسطة الشرطة العسكرية والمحاكمات العسكرية ،
ان جرائم أفراد الشرطة العسكرية في هتك أعراض المتظاهرات بدعوى الكشف على عذريتهن و تعذيب المتظاهرين واهدار آدميتهم بالاضافة الى 12 ألف مصري تمت احالتهم الى المحاكم العسكرية . كل هذه المآسي تقطع بأن رؤية المجلس العسكري للثورة ليست أبدا كما ذكر في بياناته الأولى بل ان بعض اللواءات في المجلس العسكري قد اتهموا مجموعة من أنبل الوطنيين المصريين بالعمالة وقد عجزوا بالطبع عن تقديم أية أدلة على اتهاماتهم الكاذبة . .
ان تمسك المجلس العسكري بالنظام القديم هو السبب الحقيقي في كل المشكلات التى نعاني منها : بدلا من كتابة دستور جديد اكتفى المجلس العسكري بتعديل بضع مواد في الدستور القديم ثم أجرى الاستفتاء على التعديلات ولم يلبث أن انقلب على نتيجة الاستفتاء وأعلن دستورا مؤقتا من 63 مادة ،وهكذا فرض على المصريين شكل النظام السياسي القادم بدون أن يستشيرهم . .
وقد أدت هذه العشوائية الدستورية الى تشتت وانقسامات بين القوى الوطنية لم تكن لتحدث لو أن المجلس العسكري قام بدوره كوكيل للثورة في تحقيق أهدافها بدلا من أن يفرض على المصريين ارادته وتوجهاته. لقد أصر المجلس العسكري على استبقاء نظام مبارك كاملا بكل عناصره :القضاة الذين أشرفوا على تزوير الانتخابات والنائب العام الذى طالما اضطر الى موائمات سياسية في عهد مبارك وقيادات جهاز الشرطة الذين ارتكبوا جرائم في حق الشعب المصري لم يحاسبهم أحد عليها .
القناصة الذين قتلوا مئات المصريين لم يفعل المجلس شيئا للكشف عن شخصياتهم ومحاكمتهم ، حتى جهاز أمن الدولة الذى كانت مهمته الأساسية تعذيب المصريين واذلالهم ، هذا الجهاز الرهيب طالبت الثورة بالغائه ومحاكمة أعضائه على جرائمهم لكن المجلس العسكري تمسك ببقائه بعد تغيير اسمه الى الأمن الوطنى
( وكأنما كانت مشكلتنا مع أمن الدولة تنحصر في اسمه ) ...
ان المجلس العسكري بمقاومته للتغيير قد منح فرصة ذهبية لأعداء الثورة حى يتآمروا ضدها .. سرعان ما تكونت شبكة واسعة وفعالة من أعداء الثورة : اعلاميون ومسئولون حكوميون ورجال أعمال أثرياء وضباط شرطة وأعضاء في مجالس الشعب المزورة .
هؤلاء الذين دبروا ونفذوا كل الأزمات التى عانينا منها بعد الثورة : بدءا من أزمات المواد الغذائية والبنزين والسولار وصولا الى الفتنة الطائفية واحراق الكنائس أمام أعين أفراد الشرطة العسكرية وضباط الشرطة ،
الى أحداث التخريب التى لا يتم التوصل أبدا الى مرتكبيها .
كل هذه مؤامرة واحدة تريد أن تنشر الفوضى والخراب في أنحاء بلادنا من أجل اجهاض الثورة بأى ثمن لأن التغيير الديمقراطي سيقضى على مستقبل فلول نظام مبارك وقد يؤدى الى محاكمتهم والقائهم في السجون . .
لقد كان ماحدث يوم 9 سبتمبر معبرا عن عمق الأزمة التى نمر بها . لقد دعت القوى الثورية الى مسيرة مليونية بعنوان
" جمعة اصلاح المسار "
كانت مطالبها: ايقاف احالة المدنيين الى محاكمات عسكرية وتحديد جدول زمنى لانتقال السلطة الى حكومة مدنية منتخبة ..
لقد تحالفت قوى عديدة من أجل افشال جمعة اصلاح المسار ..
فقد رفضت بعض جماعات الاسلام السياسي الاشتراك في المظاهرة لأنها حريصة على ارضاء المجلس العسكري حتى تضمن لنفسها أكبر عدد من مقاعد الحكم .
تم شن حملة اعلامية جبارة من أجل افشال جمعة اصلاح المسار ، بنفس الوسائل القديمة :
"برامج ملفقة وضيوف منافقون واستطلاعات رأى كاذبة"
كما أنفقت وزارة الزراعة خمسة ملايين جنيه من أجل احضار آلاف الفلاحين الى استاد القاهرة بدعوى الاحتفال بعيد الفلاح لصرف الأنظار عن المظاهرات .
على أن الشعب المصري قد أثبت من جديد أنه لازال قابضا على جمر الثورة فنزل ملايين المصريين في مظاهرات حاشدة في محافظات عديدة حتى ان الفلاحين الذين تم احضارهم من قراهم تركوا الاحتفال الهزلي في الاستاد وانضموا الى مظاهرة ميدان التحرير . نجاح جمعة اصلاح المسار كان كاملا وفريدا وقد حمل معان عديدة :
أولا: ان جماعات الاسلام السياسي التى اعتمد عليها المجلس العسكري في توجيه الثورة عاجزة عن السيطرة على ثورة كبرى كتبها الشعب المصري بدمائه فقد نجحت المليونية بالرغم من مقاطعة الاخوان والسلفيين
ثانيا: أنه مهما ضاعف المجلس العسكري من اجراءات القمع لن يستطيع اجهاض الثورة لأنه يواجه مصريين مختلفين تماما عن أولئك الذين حكمهم مبارك ثلاثين عاما .
في نهاية اليوم كان لابد من تدبير حوادث واعتداءات من أجل تشتيت الانتباه عن نجاح المليونية وتبرير العمل بقانون الطواريء . لا أريد أن أضيع وقت القاريء قي اثبات أن الهجوم على وزارة الداخلية والسفارة الاسرئيلية ليس سوى مؤامرة مدبرة ضد الثورة ..
فقط أسأل :
لماذا انسحبت قوات الشرطة قبل الهجوم
ولماذا لم تحرك الشرطة العسكرية ساكنا على مدى ساعات وتركت المعتدين يفعلون مابدا لهم في وزارة الداخلية والسفارة الاسرائيلية .؟! .
الأزمة في مصر الآن بين طرفين: ثورة عظيمة تريد هدم النظام القديم لتبني بلدا جديدا ومجلس عسكري يقاوم التغيير بكل قوته ..
ما العمل .؟!.
الحل يتمثل في:
توحيد قوى الثورة
ثم
مطالبة المجلس العسكري بالغاء قانون الطواريء
و
ايقاف احالة المدنيين الى المحاكم العسكرية وكافة المحاكم الاستثنائية
و
تطبيق قانون الغدر من أجل منع فلول النظام القديم من افساد مجلس الشعب القادم
بعد ذلك ...
يجب على المجلس العسكري أن يسرع باجراء انتخابات تنقل السلطة الى حكومة مدنية ..
اذا رفض المجلس العسكري تنفيذ هذه المطالب المشروعة
فان
الثورة المصرية سيكون أمامها جولة جديدة وهي مستعدة لخوضها
ولسوف تنتصر فيها باذن الله كما انتصرت من قبل . . . .
الديمقراطية هي الحل
مواضيع مماثلة
» فى ناااس كتير بتسأل بعد 8 شهووور من الثورة ...الثورة عملت ايه
» مصلحة السجون: غرفة مبارك بـ"طرة" جاهزة.. وخبراء: حضوره المحاكمة وجوبى ولو على"كرسى متحرك".. وضرورة حضور أسر شهداء ومصابى الثورة كمدعين بالحق المدنى.. ومطالب بتشفير المحاكمات وبيعها لدعم الاقتصاد
» مصلحة السجون: غرفة مبارك بـ"طرة" جاهزة.. وخبراء: حضوره المحاكمة وجوبى ولو على"كرسى متحرك".. وضرورة حضور أسر شهداء ومصابى الثورة كمدعين بالحق المدنى.. ومطالب بتشفير المحاكمات وبيعها لدعم الاقتصاد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين أكتوبر 24, 2011 2:07 pm من طرف nafad
» عزيزي................ مثلاً؟؟؟
الأربعاء أكتوبر 19, 2011 10:58 am من طرف ذكرى
» فلسفة رومانسية عاطفية
الإثنين أكتوبر 17, 2011 7:42 pm من طرف ذكرى
» انا من من انا
الإثنين أكتوبر 17, 2011 7:24 pm من طرف غموض قلم جريح
» وحدة تقتل زوجها بسبت شركة زين
السبت أكتوبر 15, 2011 12:39 pm من طرف نور الهدى
» بالصور.. النجمة نيكى ميناج تنافس ليدى جاجا فى "لفت الأنظار"
السبت أكتوبر 15, 2011 12:28 pm من طرف نور الهدى
» بالصور.. تامر وشيرين فى قطر من أجل أوبريت "بكره"
السبت أكتوبر 15, 2011 12:25 pm من طرف نور الهدى
» انفراد حفل خطوبه المطرب احمد سعد على الممثله ريم البارودى حصريا بالصور
السبت أكتوبر 15, 2011 12:23 pm من طرف نور الهدى
» تفاصيل حادث المطرب محمود الحسينى صاحب أغنية 3 ستيلا
السبت أكتوبر 15, 2011 12:19 pm من طرف نور الهدى